17 - 07 - 2024

إيقاع مختلف| إسماعيل بخيت

إيقاع مختلف| إسماعيل بخيت

كانت المرة الأولى التى أراه فيها فى مكتبنا بالبرامج الثقافية بإذاعة البرنامج العام، فقد كان صديقاً شخصياً للمخرج الإذاعى الكبير الراحل "عبد الفتاح سراج"، صاحب البرنامج الشهير "مع الذاكرين"، لفت انتباهى ببنيته الجسدية القوية وشاربه المميز، فضلاً عن دماثة خلقه التى لا تحتاج إلى جهد لاكتشافها، عرفت أن اسمه "إسماعيل بخيت"، وأنه شاعر عمودى مجيد، وأنه ثالث ثلاثة شعراء تخرجوا معا فى كلية الآداب قسم اللغة العربية، الأول هو الشاعر الشهير فاروق جويدة، والثانى هو الشاعر الدكتور عبد العزيز شرف ، وهو ثالث الثلاثة، وعرفت أنه كان يشرف أدبياً على برنامج "قطرات الندى" الذى يخرجه الأستاذ عبد الفتاح  سراج، ويقدم بأصوات كوكبة من الممثلين والممثلات، مختارت من عيون الشعر العربى، ويشرف على أداء النجوم، ضماناً لانضباط اللغة والموسيقى، وهى الرسالة التى واصل أداءها بعد انتقال البرنامج إلى الإذاعية الفنانة سلوان محمود حسن إسماعيل، لتقدمه هى بصوتها، ثم كان لى شرف الإسهام فى هذا البرنامج الجميل.

 لم يكن من العسير أن ترى ثقافته اللغوية والموسيقية والأدبية العميقة، كما لم يكن من المجهد أن تتواصل معه إنسانياً وأدبياً، فقد كان لين الجانب، بادي المودة، شديد التواضع، يذيب فوارق العمر والثقافة ببساطة مدهشة، وقتها كنت أتردد على عدد من الملتقيات الأدبية، بل وشاركت عدداً من أصدقائى فى تأسيس ملتقى أدبى فى هيئة خريجى الصحافة بشارع طلعت حرب تحت اسم "ملتقى الأربعاء"، لذلك فقد التقيت به كثيراً فى رابطة الأدب الحديث، وقت كان يرأسها العالم الكبير د. محمد عبد المنعم خفاجى ونائبه د. عبد العزيز شرف، وكان الشاعر "محمد على عبد العال" سكرتيراً عاما للرابطة، وفى قاعة هذه الرابطة شارك هو فى مناقشة ديونى الشعرى الثانى "وماذا سأرسم فوق المكان" الذى صدر فى منتصف التسعينيات.

بعدها بقليل اصطدمت مثاليتى المفرطة – وقت ذاك - بواقع الملتقيات الأدبية غير المشجع على الاستمرار، فقررت الابتعاد لمدة وصلت إلى خمس عشرة سنة، قبل أن يقنعنى هو بالعودة إليها مجددا عبر ملتقاه المدهش "جامعة الشعراء" الذى ظل ينعقد بصفة دورية بمكتبة المعادى لسنوات طويلة.

هذا الشاعر الكبير، والعروضى المعلم، لم يصدر له ديوان شعرى إلا منذ سنوات قليلة، وبعد أن تجاوز الستين بسنوات، وذلك على الرغم من أن لديه قصائد تكفى لإصدار عشرة دواوين على الأقل، وحين أصدر ديوانه الوحيد "الوردة العذراء" ، حصل به على أفضل ديوان فى شعر الفصحى بين إصدارات الهيئة العامة لقصور الثقافة، وهو ما فتح شهيته للنشر، فأعد عدداً من الموشحات التى كان يكتبها باقتدار، لتصدر فى ديوان ثان، وأعد مجموعة من قصائده ليصدر ديوانه الثالث، لكن المرض أخذه من أصدقائه ومن ملتقاه ومن مشروعات دواوينه ليسلمه إلى يد الموت التى لا تعرف التأجيل ولا الشفاعة.

رحل إسماعيل بخيت أحد الآباء الشعريين لعدد كبير من الشعراء الذين يملؤون الساحة اليوم بإبداعهم الجميل، فسلاما على روحه وتحية لإبداعه الجميل وعطائه النبيل.
-----------------------
بقلم: السيد حسن
من المشهد الأسبوعي - اليوم مع الباعة

مقالات اخرى للكاتب

جِيل من الصور الطلِيقَة